نبذة عن حياته
من مواليد كوسبا – الكورة (1953).
نشأ في عائلةٍ ميسورة. أبوه تاجرٌ وأمّه امرأة فاضلة ومُحبَّة وكريمة. أحبَّ الصلاة والصَّوم منذ صغره وجعل علِّيَّة المنزل العائليّ قلاية يتدرَّب فيها على الصَّلاة والصَّوم والقراءات الرّوحيَّة، فقد كان يذَّخر كلَّ مصروفه لشراء الكتب وهكذا في عمر الشباب كان قد قرأ كمًّا هائلًا من الكتب.
عرف بنشاطه وحبِّه للكنيسة منذ صغره، إذ لم تكن تستهويه أيّة من النشاطات الدنيويَّة بل كان يسعى دائمًا إلى العمل في حقل الكنيسة في حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة واشتهر ب” الأخ إبراهيم”. كان صارمًا ودقيقًا وجدِّيًّا خاصَّة في الخدم الكنسيَّة وقد أتقن الترتيل وامتاز بصوتٍ ذهبيّ دافئ مُرِنّ، ونفَسٍ في الترتيل خاصٍّ.
نال باكالوريوس في العلوم الاجتماعيَّة عام 1975 ثمّ إجازة في اللاَّهوت من معهد القدِّيس يوحنّا الدمشقّيّ اللاَّهوتيّ – البلمند سنة 1988.
اتَّخذ الأب اسحق عطالله أبًا روحيًّا له، وكان يتردَّد إليه في دير القديس جاورجيوس – حمطوره وبعدما سافر هذا الأخير إلى جبل آثوس، صار يسافر كلَّ صيف ليسترشد ويتعلَّم منه. وكان يطبّق كل ما كان يقوله له في بيته. كما أنّه تعرّف على الشيخ القديس باييسيوس الآثوسيّ.
لكنَّه آثر أن يصير راهبًا في لبنان، فترهّب في دير رئيس الملائكة ميخائيل بسكنتا – النَّهر.
بطلب من المطران جورج خضر، رسم شمَّاسًا ثمّ كاهنًا في كنيسة القدِّيسين سرجيوس وباخوس – كوسبا (1991) بوضع يد المثلَّث الرَّحمة المطران الياس قربان. خدم كمسؤول داخليّ في معهد القدِّيس يوحنّا الدمشقّيّ اللاَّهوتيّ – البلمند.
وبعد الحريق الَّذي أصاب كنيسة دير السيدة في حمطورة سنة 1993.
كلفه المطران جورج خضر على ترميم وإعمار وصيانة دير رقاد السيّدة حمطوره) (1993)، ثمّ عيّنه رئيسا عليه(1994). رقّاه إلى رتبة أرشمندريت في دير مار يوحنا – دوما(1996)، ووشَّحه بالإسكيم الرّهبانيّ في كنيسة القدّيسين بطرس وبولس التابعة لدير سيّدة حمطوره(1997).
يدين الدير للأرشمندريت بندلايمون بكلّ ما شيَّده من أبنية و مشاغل بالإضافة إلى تنمية أراضيه وتصنيع منتوجاته إنمّا على الأخص، يدين له بالأخويَّة التي أنشأها فيه والتي له في قلوب رهبانا مكانةً روحيَّةً شاهدة. وهذا جعل الدير مقصدًا للمؤمنين لا سيّما الشبيبة، ما أنمى في نفوس كثيرين التزامهم الكنسّيّ والروحيّ وحضنهم بأبوَّته الرُّوحيَّة ونمَّاهم في محبَّة المسيح.كان شيخًا مواهبيًّا وعرف أن يفعِّلَ مواهبَ رهبانه وأبنائه في خدمة الكنيسة. وقد منَّ الله عليه ببركة اكتشاف رفات القدِّيس الشهيد يعقوب الحمطوري ورفاقه. إلى ذلك، له عدد من المؤلَّفات والترجمات صدرت عن الدير. اهتمّ بالخدم الطقسيَّة فكانت له مساهمة بارزة فيها سواء في مجال الترجمة والتَّأليف والتنويط والترتيل ونقل جمالها إلى العديد من الإكليروس والرهبان والمؤمنين في أنحاء الكرسيّ الأنطاكيّ وخارجه.
رقد في الربّ صباح الأحد 28 تشرين الثاني 2021 على رجاء القيامة والحياة الأبديّة في مدينة تسالونيكي ودفن في اليوم التالي في إسقيط القدّيس ديمتريوس – الجبل المقدّس آثوس.
شذرات من أقواله
تشكّل الكنيسة شركةً بسيطةً على الأرض كعربونٍ للحياة السماويَّة وما هذه الحياة إلا فرصة حتَّى نرجع إلى الله ونتدرَّب ونتعرَّف على محبَّته ونعرف ذواتنا وضعفنا ونتوب إليه.
في الصوم والصَّلاة والتأمّل والقراءة في الكتب المقدسَّة وتفاسير الآباء القدّيسين نغدو نشيطين معافين فنثبت ونرسخ مع المسيح.
إذا ما قرأنا الكتب المقدَّسة نؤكِّد لله ولأنفسنا أنَّنا نريده سيِّدًا لحياتنا منيرًا لأفكارنا، وقائدًا لخطانا لئلاّ نتعثَّر في هذه الحياة هنا وهنالك.
أن تحتملَ الصُّعوبات ليس بشيء لكنَّك إن كنت تحتفظ بحبِّكَ رغم معاناتك فأنت على صورة المسيح تمامًا معلَّقا على الصليب، تنتظر ساعة القيامة.
اليوم يسمع الناس الأخبار ويقرأون الصحف لأنَّهم مشوَّشون يريدون أن يطمئنّوا وليس من شيء يطمئن. لماذا لا نغيّر هذه الطريقة ونقرأ الكتب المقدَّسة؟. حينذاك ترتفع عقولنا التي تمتلئ بمعان إلهيَّة وبأخبار القدِّيسين وتتغيّر أحوالنا من سيئة إلى مقدَّسة ذات طابع روحيّ مملوءة بالخير والبركة.
إن كانت المتاعب تثار حولنا فهذا يعني أننا في طريق الرّبّ ولذلك لا يستكين الشرِّير بل يحرّك كل الطاقات حتى يدمّرنا. لذلك فلنفرح ولا نضطرب فالله سيشرق بنوره لكي ينتشلنا وينير دربنا فيجعلنا نسلك بأمانة وصدق وضمانة نحوه.
يريد الربُّ يسوع أن تتبلور خليقته وتتأجَّج فلا تفنى. حضارات الناس تقول: إنَّ الإنسان يفنى. أمَّا الربّ يسوع فجاء ليقول: إنَّ الحياة ليست هنا، أنتم هنا في غربة وعليكم أن تستعيدوا وضعكم ومواطنيَّتكم لكي تذهبوا إلى الفردوس لأنكم مخلوقون حتَّى تشاركوا الله في جمالاته، في قدرته، وفي كلِّ عزمته.
كثيرون يتذرّعون بالشؤون الاقتصاديَّة والضِّيقة الموجودة في بلادنا ويذهبون إلى الخارج دون أن يعرفوا أنهم يتركون المسيح، يتركون فرصة أن يموتوا شهداء في عيش بسيط بإمكانيَّات مادِّيَّة بسيطة ليثبتوا في بلادهم حيث زرعهم الرّبّ. يعتقدون أنهم في المهاجر سيمتلكوا ويرتاحوا لكنَّهم يفقدون المسيح.
القيامة ليست مجرَّد أنشودة نرنِّمها أو حدثًا من الماضي لكنَّها طاقة وفاعليَّة. لا تتكرَّر، إنما تقفز من دقيقةٍ إلى أخرى مستحضرة الماضي هو اليوم يوم القيامة.
المسيح واحدٌ ينبغي أن نعرفه كما بدا، وكما علَّم، وكما كشف عن نفسه لا كما نخترعه نحن لأنَّنا نرجع إلى وثنيَّة حذَّرنا منها الكتاب المقدَّس لا تصنع لك صورةً أو منحوتةً تعبدها أي لا تخترع لك إلهًا على ذوقِكَ حسب قياس عقلك وتعبده.
بتنا في عصر نقرأ ولا نفهم لأنَّنا لا نركِّز ولا نريد أن نعرف ولا نسأل حتَّى نتعلَّم ونفهم حقيقة إيماننا فنحن نتمسَّك بالإيمان القويم لا عن عصبيَّة، بل لأنَّه حياتنا وثباتنا ورسوخنا في المسيح.
حبُّ مريم البتول ليسوع غلَبَ كلَّ حبٍّ آخَر. وفي هدوئها وصفائها جعلت رؤساء الكنيسة أي التلاميذ ينسكبون أمام تواضعها وشخصيَّتها المميَّزة متعلِّمين من صمتها. ومن هدوء نفسها كانوا يستشفُّون هذا الحضور الإلهيّ الذي ملأ قلبها وكيانها إذ حملت المسيح في أحشائها وولدته طفلاً وربَّته حتَّى قدَّمته للآب خادمًا مطيعًا حتَّى الموت على الصَّليب.
الإنتماء إلى المسيح لا يعني أن تأخذ امتيازًا ولكن أن تسلك دربًا فيها تنقية وصعوبة. لذلك أنت تكفر بنفسك وتجعل كلَّ طاقاتك في خدمة المسيح.
ينبغي أن نحمل الصَّليب كلَّ يوم ونتبع المسيح كما كان هو في تقشّفه، في تحمّله، في محبَّته، في تضحياته وفي كرازته، هكذا نسلك نحن أيضًا معه فنصل معه إلى الملكوت.
في الزواج أحيانا كثيرة هنالك واحد يتسلَّط على الآخر، واحد يستغلّ الآخر. لكن الله تسهر عيناه على البشر، يصلح ما فسد من أخلاقهم وحياتهم حتّى يرجع كلا الاثنان في تخبّطهما في مشاكل الحياة وتربية الأولاد فيتعلَّما معنى البذل والعطاء.
يسعى الزوجان للاتِّحاد مع المسيح، في شركة تضحية وموت كلَّ يوم، في محبَّة تتفانى وتخدم في سهر لا يعتريه أي سكون. إذذاك يصبحان كالملائكة أخًا وأختًا يتقدَّسان في خدمة هؤلاء الأولاد الذين أعطاهم الله أن يخدموهم.
يسعى الراهب للاتحاد بالمسيح لا عن طريق الزواج بل وحده لذلك يسمَّى متوحِّدًا. لا يتسلّى ولا ينشغل عن تمجيد الله باذلاً كلَّ شيء في سبيل حبِّه.
يقدِّم الراهب نفسه كلَّ يوم ويتحمَّل الصعاب الَّتي تأتيه من إخوته ومن الناس ومن الشرير ومن أهوائه وهواجسه التي تكثر وتضغط عليه حتى تشتِّته.
يريد الشرير أن يحطّم الكنيسة أمَّا نحن وأنتم فلا نريد أن يصيبَ الكنيسة أيُّ خلل. أفضِّل الموت على أن تصاَبَ الكنيسة بخلل. لأنّه خارج الكنيسة لا خلاص ولكن في الكنيسة نبقى جسدًا واحدًا مع الرّبّ يسوع المسيح.
لنسلك بوداعة ، ببساطة نجهِّز أنفسَنا إلى النهاية السعيدة، إلى اللِّقاء بربِّنا يسوع المسيح، إلى المكوث بحضرته. ولنسع لاقتناء الفضائل التي تسمح لنا أن نكون مع الله. لا أن نتمتع في هذه الأرض .فالتمتُّع هنا يعني عدم المتعة في السموات.
فلننظر إلى الحياة الآتية التي تجعل العظامَ الرميمة نابضةً بالحياة. فإذا ما التصقنا بالمسيح نصبح بالحقيقةِ حياةً، نقوم إلى حياة أبدية. فرضى الله ومحبته تجعلنا نسلك إلى النهاية ونصل إلى الفردوس متمتّعين مع المسيح لأننا أحببناه وتركنا كل شيء وتبعناه.