كنيسةُ دير رقاد والدة الإله الأساسيّة
كنيسةُ الديرِ على اسم والدةِ الإلهِ الطاهرة. تُعَيِّدُ في 15 آب أي عيدِ رقاد السيدةِ العذراء.
إلاّ أنَّ البناءَ الحالي هو القسمَ الأصغرَ من بناءٍ كبير، أيْ ما تبقّى من كنيسةٍ كبيرةٍ قد دُمِّرَتْ. إذ لا يعقلُ أن يكونَ للديرِ الأثريِّ الكبيرِ والواسعِ الأرجاءِ مثلُ هذه الكنيسةِ الصغيرة.
فيها مذبحٌ قديمٌ جدًّا، حُفِرَ على شكلِ المذابحِ الوثـنيَّة. حين كانوا يقدِّمونَ ذبائحَ حيوانية تحوجُهُمْ لجمعِ الدّمِ على المذبحِ ليسيلَ عبرَ قناةٍ محفورةٍ في بلاطةِ المذبح.
تَبَقَّتْ على جدرانِ الكنيسةِ جداريَّاتٌ حسنةُ الرسم، تبدو من أقدمِ موجوداتِ لبنان والأكثرَ أمانةً للفنِّ البيزنطيِّ ذي الطابعِ المَحَلّي. فهيَ تجمعُ بينَ الفنِّ البيزنطيّ المتطوِّرِ من حيثُ بنيةِ الإيقونةِ وهندستِها، من جهَةٍ، ومن جهَةٍ أخرى تتميَّزُ بتقنيَّةٍ محلِّيَّةٍ بالصناعةِ والتفصيلِ والزخارف.
وصفُ الجداريَّات
تتوسَّطُ العذراءُ مشهدًا من خمسةِ قناطر جالسةً على العرشِ وتحملُ في حضنِها الربَّ يسوعَ وقد كُتِبَ عندَ رأسِ العذراءِ “والدةُ الإلهِ الرحيمة”. عن يمينها القدِّيسةُ هيلانة أمُّ القدِّيسِ قسطنطينَ الملكِ، وقدِّيسةٌ مجهولةٌ إذ شُوِّهَ وجهُها وأُزيلَتْ الكتابةُ من قربه قد تكون القدِّيسة مارينا. وعن اليسارِ الشَّهيدةُ العظيمةُ كاترينا الكلِّيَّةُ الحكمةِ شفيعةُ ديرِ سيناءَ الشريف. أمَّا القنطرةُ الخامسةُ فقد تَبَدَّدَتْ . كلِّيًّا. معظمُ الوجوهِ مُشَوَّهٌ تثقيبًا الإيقونة من القرن الثاني عشر.
في المشهدِ الثاني: السيِّدُ على العرشِ مبارِكًا والعذراءُ عنْ يمينِهِ مع ملاكَيْنِ في وقفةِ تَضَرُّع. في أسفلِ المشهدِ ملاكٌ يقدِّمُ شخصين عاريَيْن للمحاكمةِ ويحملُ بيسارِهِ ميزانًا. ربما تكونُ هذه ما تبقَّى من مشهدِ الدينونة.
أسفل هذا المشهد، تظهرُ معالمُ سجودِ المجوسِ للطفلِ المولودِ ونساءٌ يغسلْنَه.
في طرفِ الكنيسةِ مشهدُ التجلّي، روعُتُه في تعابيرِهِ، إذ إنَّ المشهدَ قديمُ الرسمِ بصناعةٍ ساذَجَةٍ يعتمدُ على الرمزيَّةِ في إظهارِ روحيَّةِ المشهدِ. وربَّما تكونُ هذه الإيقونةِ من رسمٍ قديمٍ محلِّيٍّ لرسَّامٍ متحمِّسٍ لا يُتقنُ الفنّ. فهو يشبِهُ فنونَ الغنوسيِّين، إذْ يعتمدُ على الرمزيةِ بتقنيَّةٍ بسيطةٍ بدائية. (بعد حريق عام 1993، زار الدير الأب لامنس من رهبنة “الآباء البيض”. فتفحَّص الإيقونات ودقَّق فيها. ويرجِّح أنَّ هذه الإيقونة تعود إلى القرن السادس ميلاديّ لقربها من النمط الكبادوكيّ).
يحتَلُّ المسيحُ القسمَ الأكبرَ طولاً وعرضًا. والرسلُ عن يمينِهِ والنَبِيَّيْنِ عن يسارِهِ أقلَّ حجمًا منه.
المشهد الأخير لقدّيسٍ يمتطي حصانه الأبيض دائسًا ملكًا داقًّا عنقه بالرمح. يحتاج الرسم إلى الكثير من الترميم، فالقدّيس متلَفٌ كلِّيًّا، يمكن فقط تمييز الحصان الأبيض. يحتاج الرسم للتنظيف. قد يكون القدّيس مركوريوس يطعن يوليانوس الجاحد.
عن جانبي باب الكنيسة صليبان، رُسما باللون النبيذي على خلفيّةٍ بيضاءَ كزُخرفٍ، متبقٍّ من زمن تحطيم الإيقونات.
فوق الباب صليبٌ محفور يشبه شعارَ الصليبيين. شكل الصليب هذا عُرِفَ في بلادنا قبل دخولِ الصليبيّين وكذلك في الغربِ وصارت له شهرة خاصة بعد اعتماده شعارًا لهم. لا أثر في الدير للإحتلال الصليبيّ.